موضوع: {{°° True Grit - 2010 °°}} الجمعة ديسمبر 16, 2011 10:43 am
عزم حقيقي عنوان لعمل حقيقي:
جويل و ايثان كوين, الأخوين المزدادان في منيابوليس, مينوسيتا في خمسينيات القرن الماضي. اسمان كبيران في صناعة الأفلام الامريكية, لهما العديد من الأفلام المميزة, مثل "فارغو","ليباوسكي الكبير" و "ناو كاونتري فور أولد مان", نراهما مرة أخرى في فيلم ويسترن مميز من بطولة الممثل الكبير جيف بريدجز, الرائع مات دايمون, الشابة الصاعدة هايلي ستينفلد, و جوش برولين الذي لديه موهبة كبيرة لكن عليه في المرة القادمة اختيار الادوار الخيرة لكي يظهر تلك الموهبة بشكل أفضل.
رغم أني رأيت النجاح الذي حققه الفيلم عند صدوره الا أنني لم أحمله و لا زلت لا أعلم السبب لماذا,هذا الأسبوع حملته بالصدفة لاجد نفسي قد ضيعت الكثير, فأفلام الويسترن نسيت تماما هذه الأيام و اخر عمل كان يستحق المشاهدة هو "3:10 الى يوما", من بطولة راسل كرو.
قصة الفيلم هي حول فتاة صغيرة تقرر أن تستخدم مارشالا أمريكيا لمطاردة قاتل أبيها, لنعيش مع الفتاة قصة مغامرة و مطاردة مميزة و لا ترى مثلها كل يوم, الطاقم التمثيلي كان في القمة و بالأخص جيف بريدجز و الفتاة هايلي, الذي لم يسبق لها أن مثلث في فيلم كبير من قبل,كان لها فقط بضعة أفلام قصيرة. الفيلم رشح ل10 جوائز أوسكار, لكن للأسف لم يحصل و لا على واحدة, و ربما السبب في ذلك أنه خرج سنة خطاب الملك و أفلام مميزة أخرى مثل الشبكة الاجتماعية و انسيبشن.
الأخوين أعادا اخراج فيلم قديم يحمل نفس الاسم أخرج سنة 1969 و كان من بطولة جون واين,لكن بأسلوب عصري و مميز و تصوير رائع للغاية, و أخذ جيف بريدجز مكان بطولة واين, و وفق في ذلك, هذا الممثل الذي يظهر موهبة كبيرة لا في الدراما أو الكوميديا فدوره في بيغ ليباوسكي كان طريفا للغاية الفيلم الذي كان أيضا من اخراج الأخوين كوين,و لا ننسى الدور الدرامي المميز في "قلب مجنون" سنة 2009 حيث جسد شخصية مغني كاونتري بشكل مذهل و نال عنه الاوسكار.
ما يميز "عزم حقيقي" أن كل شئ فيه يبدو حقيقيا, من تصميم مميز للبلدة, الملابس و الديكور و كذا الجو العام للفيلم,الفيلم ينقلك من الفترة العصرية الى فترة الغرب المتوحش, طريقة الكلام, اللكنة, طريقة اللباس و كل شئ, كما أن أداء الممثلين الذي كان مقنعا للغاية ساهم هو الاخر, في تميز الفيلم, فلو أنه صور بالأبيض و الأسود لقلنا انه وثائقي اكثر منه كفيلم, الحوارات هي الأخرى نقطة مضيئة للغاية في الفيلم و بالاخص اذا كان المبدع بريدجز طرفا في أحدها رغم صعوبة فهم ما يقول, كما ان الصغيرة هايلي أعلنت لنفسها انطلاقة كبيرة في مجال التمثيل, فهي اظهرت ثقة كبيرة و تعاملا جيدا في دورها. دايمون رغم ان دوره ثانوي الا انه كان جيدا و قام بما عليه, و كان طرفا في مثلث علاقة مميزة ما بينه و بين روستر و ماتي , رغم أن الامور تظهر متناقضة و يظهر كأنهم لا يطيقون بعضهم الا أنهم يصبحون أكثر قربا مع الوقت.
الفيلم ما أعجبني فيه كثيرا أنه لا يحتوي على اي لقطات اباحية او مشاهد تافهة, فكل شئ يسير بشكل مميز و صارم, و نوعية العنف التي تضمنته هادفة و ليس كغيرها التي نراها في بعض الاعمال الأخرى. التصوير كان جيدا للغاية, فالمشؤول عن التصوير 'روجر ديكنز' يجعلك ترى الأمور من منظور الشخصية, فلا يكون هناك تقريب في المسافة البعيدة, فانت ترى الأمور كما تراها الشخصيات الأمر الذي يستحق الاحترام, الاخوين كوين هما الوحيدين الذي أرى أنهما قاما بهذا الامر طوال الفيلم,هذه الفكرة أتمنى أن أراها في مزيد من الأفلام, فهي تضيف واقعية كبيرة و تعطي للعمل منظورا مميزا و قريبا للمشاهد.
واين لعب دور روستر سنة 1969 بشكل دافئ, لكن بريدجر كان له كلام, فمع كون الفيلم مزيج مميز من الدراما و الكوميديا السوداء,نرى أنه قدم شخصية روستر بشكل مغاير و مميز,فهو فظ و ذو لكنة غريبة, و دائم السكر و لا يملك منزلا بل ينام وراء محل للبقالة و له أفعال مضحكة و غريبة و بالأخص مشهد ضربه للطفلين الهنديين, حيث في كل مرة يدخل و يخرج من محل البقالة في الخلاء نراه يدفعهما برجله, مشهد رائع للغاية رغم انه قاس نوعا ما الا أنه مضحك للغاية. الأخوين كوين وفقا في العمل, فرقم أن القصة هي نفسها قصة الفيلم القديم الا انهم قدموا عملا مغايرا فيه بصمتهما الواضحة, ممزوجة باجواء الغرب القديم و نفحة عصرية في التصوير و التقديم.كما كانت هناك أمور تجعل المرء في حيرة من أمره حتى بعد انتهاء العمل و بالاخص اذكر صاحب المحل الذي قال روستر أنه يمون عصابة قاتل أب ماتي روس, الذي لم نره و لو لمرة واحدة, كما هناك الرجل الهندي الذي باع له روستر الجثة المشنوقة فنحن لم نرى وجهه, لأن الكاميرا كانت مع ماتي الذي كانت فوق الشجرة , فراينا ما رات فقط, رجل من الأعلى دون رؤية ملامح وجهه,و لو أن المشهد كان ضمنه روستر لرأينا الرجل, لكن يبدو أن الاخوين فضلا ان تبقى الامور هكذا أحيانا واضحة و أحيانا اخرى غامضة.
الموسيقى كانت جميلة و هادئة,لكل مشهد خصوصيته و موسيقاه, من عبور النهر الى النهاية, كل شئ في مكانه,تسلسل مميز للأحداث, سيناريو ممتاز و اخراج رائع من الاخوين, الجميل فيهما أن عيوب الفيلم قليلة, فلا شئ تراه العين, و لا يظهر ان هناك أمرا ما لا يناسب مكانه,الفضل في ذلك يعود الى تعاونهما فهما يكملان بعضهما البعض, و ان نسي احدهما شيئا يذكره الاخر.
الفيلم ليس غريبا كعادة أفلامهما, بل هو مزيج من المغامرة و الكوميديا, و قصة انتقام مميزة, هناك العديد من المشاهد المميزة و الطريفة, مثل الجلسة في المحكمة التي كان فيها روستر قبل ان تلتقيه ماتي, فالمحامي يحاول فضح حقيقته اما الملأ, كونه رجل قاس و متعطش للدماء,الا ان الرجل لا يلقي له بالا و يلقي النكات هنا و هناك. مشهد اخر هو عندما كان في المرحاض و أتت له ماتي, ذلك الحوار يبقى من اطرف ما سمعت. رغم ذلك لا يخلو العمل من العنف , مثل مشهد الشنق المؤثر و الطريف في نفس الوقت, فقد كان هناك ثلاثة رجال يستعدون لأن يشنقوا اعطي كل واحد منهم وقتا لكي يقول اخر كلامه, تحدث الأول و الثاني و عندما وصلوا للثالث الذي هو هندي أحمر لم يعطوه فرصة للكلام و قاموا بتكميمه و شنقهم مباشرة, او مشهد استجواب روستر للرجلين, في البيت الريفي و الرجل المشنوق و غيرها من المشاهد الأخرى. الاخوين كوين انتقدا في عملهما الفكر الأمريكي أنذاك حول المواطنين الأصليين او الهنود الحمر, و يتجلى ذلك في مشهد الشنق و الطفلان من محل البقالة في الخلاء.
في بداية الفيلم تبدأ ماتي الكلام بقولها:
"You must pay for everything in this world, one way and another. There is nothing free, except the grace of God.
يجب ان تدفع ثمن كل شئ في هذا العالم, بطريقة او باخرى, فلا شئ مجاني الا نعمة الله.
جملة بها معاني كثيرة و مميزة.تتعلق بالذاكرة و تجعلك تفكر كثيرا.
النهاية كانت قوية و صادمة, رغم ذلك دافئة و مليئة بالاحاسيس لدرجة لم يصل لها الاخوين كوين من قبل, فيلم أكد به الاخوين أنه ما زال في جعبتهما الكثير و ما زال بمقدورهم اغناء الساحة باعمال ابداعية أكثر, كخلاصة فان العمل واحد من أفلام سنة 2010 و بدون منازع واحد من أفضل أفلام الويسترن في التاريخ, لما قدمه من أحداث و أحاسيس و أداءات لطاقم أقل ما يقال عنه ممتاز.عمل يستحق المشاهدة أكثر من مرة, و مناسب للمشاهدة العائلية. IMDB:7.9 ROTTEN TOMATOES : 96% ME:10/10
