سورية .. اقتحام المدينة المتمردة

تناولت صحيفة "إيزفيستيا" يوم 3 لأغسطس/آب الأحداث التي تشهدها سورية، فكتبت تقول إن وحدات الجيش السوري قمعت بقسوة مقاومة مدينة حماة المتمردة، وذلك عشية حلول شهر رمضان المبارك. وتوضح الصحيفة أن هذه العملية أسفرت عن سقوط ما لايقل عن مئة قتيل. وفي يوم الجمعة الماضي خرج إلى شوارع المدينة نصف مليون من المحتجين بحسب تقديرات المعارضة. وهذا يعني مشاركة أناس قدموا من أماكن أخرى، فراح المتظاهرون يقيمون المتاريس ، وينتقلون من التحركات العفوية إلى الدفاع المنظم. ولو أن الأسد ترك المدينة في هدوء مدة شهر آخر لاستقبلت قوات الحكومة بقذائف المدفعية، وليس بالحجارة والزجاجات الحارقة. لم يكن بوسع الرئيس السوري التصرف على نحو يجعل العسكريين يتهمونه بالتردد وضعف الإرادة. ولكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شجبا تصرف السلطات السورية، ودعيا إلى تشديد العقوبات على دمشق. من جانبها عبرت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها الجدي جراء الأنباء الواردة عن وقوع العديد من الضحايا. واضافت أن استخدام القوة ، سواء ضد المدنيين أو منتسبي مؤسسات الدولة، غير مقبول، ويجب أن يتوقف. وتنقل الصحيفة عن خبير معهد الدراسات الاستراتيجية سيرغي ديميدنكو أن الصيغة المقبولة لتسوية المشكلة يجب ويمكن أن تعد في سورية فقط. وإذا لم يتم ذلك فلن يكون لهذا البلد مستقبل، وسيتحول إلى افغانستان ثانية أو عراق ثان. وهذا يعني أننا سوف نشهد مأزقا آخر في الشرق الأوسط. لقد شرع الرئيس السوري بعملية الإصلاحات السياسية ، ولكنه ينفذها ببطء شديد، وحذر بالغ. وهو يدرك - كما يرى ديميدنكو- أن المعارضة والغرب لن يريضيا حتى لو لم تفعل السلطة شيئا سوى التنازل. إن الوضع الناشئ قد يضطر الاسد للتراجع عن الإصلاحات، والانتقال نهائيا إلى سيناريو القوة. من جانبه يرى مدير مركز سان بطرسبورغ لدراسات الشرق الأوسط غومير إيسايف أن أحداث سورية تسير ، للأسف الشديد وفق السيناريو الليبي. ويضيف أن ثمة قوى خارجية غربية وإقليمية كبعض دول الخليج، لها مصلحة جدية في هذا. والهدف هو تحطيم محور طهران - دمشق - حزب الله. ويعتقد الخبير الروسي أن دمشق الرسمية ستكون مضطرة لإبداء قدر أكبر من المرونة في معالجة مشكلاتها السياسية الداخلية. إن قوات الحكومة تواجه أكثر وأكثر متمردين مسلحين ، لا متظاهرين مسالمين. ومما يدعو للأسف أيضا أن الوضع يزداد تفاقما جراء غياب لاعبين على المستوى الإقليمي بمقدروهم التدخل لتسوية النزاع. إن إيران الشيعية- الحليف الأقرب لدمشق- مرفوضة على هذا الصعيد نظرا لأن المسلمين السنة يشكلون اساس المعارضة السورية. وفيما يتعلق بتركيا ، يرى ديميدنكو أن أنقرة اتخذت موقفا غريبا، فبمبادرة منها تجري محاولات لجمع صفوف المعارضة. ويشار في هذا المجال إلى لقاء اسطنبول الذي أسفر عن تأسيس اللجنة السورية للإنقاذ الوطني. وهذا يعني أن مهمة تركيا كوسيط لن تكون ذات فعالية على الأغلب.